قال عثمان الرجاني : خرجت من بيت المقدس أريد بعض القُرى في حاجة ،، فلقيتني عجوز عليها جبة صوف وخمار صوف ،، فسلمتُ عليها فردّت علي السلام ،، ثم قالت : يا فتى من أين أقبلت ؟
فقلت : من هذه القرية ..
قالت : وأين تريد ؟
قلت : إلى بعض القرى في حاجة ..
قالت : كم بينك وبين أهلك ومنزلك ؟ قلت : ثمانية عشر ميلاً .. قالت : ثمانية عشر ميلاً في حاجة ؟ ،،، إن هذه لحاجة مُهمة؟؟!! ،،
قلت : أجل ..
قالت : فما اسمك ؟..
قلت : عثمان .. فقالت : يا عثمان ألا سألت صاحب القرية أن يوجّه إليك بحاجتك ولا تتعنّى ؟؟( قصدت الله عز وجل بصاحب القرية )
قال : ولم أعلم الذي أرادت بذلك .. فقلت : يا عجوز ليس بيني وبين صاحب القرية معرفة ..!!
قالت : يا عثمان وما الذي أوحش بينك وبين معرفته ،، وقطع بينك وبين الاتصال به .؟؟!!! فعرفت الذي أرادت فبكيت ،،، فقالت : من أي شيءٍ تبكي ؟؟ من شيءٍ كنت فعلته ونسيته أو من شيءٍ أُنسيته وذكرته ؟؟؟
قلت : لا بل من شيءٍ كنت أُنسيته وذكرته ..
قالت : يا عثمان ,, أحمد الله عز وجل ،، الذي لم يتركك في حيرتك ،، أتحب الله عز وجل ؟؟
قلت : نعم .. قالت : فأصدقني .. قلت : أي والله أنِّي لأحب الله عز وجل ..
قالت : فما الذي أفادك من طرائف حكمته إذا أوصلك إلى محبته. ؟
قال : فبقيت لا أدري ما أقول .. قالت : يا عثمان .. لعلك ممن يحب أن يكتم المحبة ،،
قال : فبقيت بين يديها لا أدري ما أقول .. فقالت : يأبّى الله عز وجل أن يدنس طرائف حكمته ،، وخفي معرفته ومكنون محبَّته بممارسة قلوب البطالين .
قلت : رحمك الله .. لو دَعَوت الله عز وجل أن يشغلني من محبته ،،، فنفضت يديها في وجهي ،، فأعدت القول أقتضي( أطلب ) الدعاء ،،
فقالت : يا عبد الله .. امض لحاجتك ،، فقد علم المحبوب ما ناجاه الضمير من أجلك ،، ثم ولت ، وقالت : لولا خوفُ السلب لبحت بالعجب ، ثم قالت : أوَّه من شوق لا يبرأُ إلا بك ،،،ومن حنين لا يسكن إلا إليك ،، فأين لوجهي الحياءُ منك ؟؟ وأين لعقلي الرّجوع إليك ؟؟
قال عثمان : فو الله ما ذكرتُ ذلك ،، إلا بكيت وغشي عليَّ ..