الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فقد اختلف العلماء في وجوب زكاة الحلي المباح المعدّ للاستعمال، ولم يكن المراد منه الادخار أو التجارة، وذلك على قولين:
الأول: لا تجب الزكاة فيه، وهو قول الجمهور، وهو مروي عن خمسة من الصحابة: ابن عمر، وجابر، وأنس، وعائشة، وأسماء رضي الله عنهم. وإليه ذهب مالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، (في ظاهر المذهب) والشافعي في أحد قوليه، وهو (المذهب المعتمد عند الشافعية)، وبه قال إسحاق بن راهويه، وأبو عبيد، وأبو ثور، والشعبي..
القول الثاني: تجب الزكاة فيه إذا بلغ النصاب، وهو خمسة وثمانون جراماً وحال عليه الحول، وهو مروي عن: عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وسعيد بن جبير، وعطاء، ومجاهد، وابن سيرين، والزهري، والثوري، وبه قال الأحناف.
والراجح ـ والله أعلم ـ عدم وجوب الزكاة في الحلي (المباح) المعدّ للاستعمال لعدة أمور منها: أن هذا الحلي متاع شخصي، وليس مالاً مرصداً للنماء، لأن من القواعد العامة التي تراعى في الزكاة كون المال نامياً، أو قابلاً للنماء. لكن هذا الحُلي مستعمل منتفع به، وهو من حاجات المرأة وزينتها، فهو بالنسبة لها كالثياب والأثاث والمتاع. ولأن الأحاديث الموجبة للزكاة في الحلي تطرق إليها الاحتمال، حيث أن من العلماء من حكم بأنها منسوخة، ومنهم من ضعف أسانيدها، وإذا كان الأمر كذلك، فالأصل براءة الذمة من التكاليف ما لم يرد بها دليل شرعي صحيح. جاء في التاج والإكليل: (قال مالك: لا زكاة فيما اتخذ النساء من الحلي ليلبسنه أو ليكرينه، ولا فيما اتخذ الرجل منه للباس أهله وخدمه...). والله تعالى أعلم.