الإالإسراء بالجسد والروح يقظة لا مناما مرة واحدة
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين .
قال الحافظ -رحمه الله-: وأجمع القائلون بالأخبار والمؤمنون بالآثار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسري به إلى فوق سبع سماوات، ثم إلى سدرة المنتهى، أسري به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى - مسجد بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماء؛ بجسده وروحه جميعا، ثم عاد من ليلته إلى مكة قبل الصبح، ومن قال: إن الإسراء في ليلة والمعراج في ليلة فقد غلط، ومن قال إنه نام وأنه لم يسر بجسده فقد كفر ، قال الله -عز وجل- : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ .
وروى قصة الإسراء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبو ذر وأنس بن مالك ومالك بن صعصعة وجابر بن عبد الله وشداد بن أوس وغيرهم، كلها صحاح مقبولة مرضية عند أهل النقل مخرجة في الصحاح .
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين، أما بعد :
نقل المؤلف -رحمه الله- الكلام عن القضاء والقدر إلى مبحث الإسراء والمعراج، والإسراء معناه في اللغة هو السفر ليلا ، وشرعا: هو الإسراء بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أو السفر ليلا بنبينا -صلى الله عليه وسلم- على البراق بصحبة جبرائيل من مكة إلى بيت المقدس.
الإسراء في اللغة: السفر ليلا، وأما المراد به شرعا: السفر بنبينا -صلى الله عليه وسلم- بصحبة جبرائيل على البراق ليلا من مكة إلى بيت المقدس، وأما المعراج فهو مفعال من العروج، وهو صعود نبينا -صلى الله عليه وسلم- ليلا من بيت المقدس إلى السماء بصحبة جبرائيل.
أوتي بالمعراج، وهي حالة كالسلم، صعد -صلى الله عليه وسلم- عليها ومعه جبرائيل حتى وصل إلى السماء ودخل السماوات، وانتقل من سماء إلى سماء حتى وصل إلى سدرة المنتهى.
أجمع -يقول المؤلف رحمه الله- أجمع القائلون بالأخبار والمؤمنون بالآثار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسري به إلى فوق سبع سماوات، ثم إلى سدرة المنتهى، أسري به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى - مسجد بيت المقدس - ثم عرج به إلى السماء، المؤلف -رحمه الله- أدمج الإسراء بالمعراج أن رسول الله أسري به إلى فوق، وأسري به أولا من مكة إلى بيت المقدس ثم عرج به إلى فوق؛ فأدمج المؤلف -رحمه الله- الإسراء بالمعراج ، قال: أسري به إلى فوق وهو أسري به أولا من مكة -من المسجد الحرام - إلى بيت المقدس ثم عرج به إلى فوق، إلى فوق سبع سماوات ثم إلى سدرة المنتهى، ثم عاد؛ توضيح المؤلف -رحمه الله- فقال: أسري به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى هذا الإسراء مسجد بيت المقدس، ثم عرج به، هذا تفصيل، ثم عرج به إلى السماء بجسده وروحه جميعا، ثم عاد من ليلته قبل الصبح.
هذا هو الصواب الذي تدل عليه النصوص، والذي أجمع عليه أهل السنة والجماعة والمحققون من أهل السنة والجماعة.
وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أسري به في الليل من مكة إلى بيت المقدس، والله -تعالى- بين ذلك في القرآن العظيم قال سبحانه : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ومن أنكر الإسراء كفر؛ لأنه مكذب لله، ومن كذب الله كفر ، إلا إذا لم يعلم وكان مثله يجهل هذا يبين له، يبين له النص، وأن الله أخبر في القرآن أن الله أسرى بنبيه -صلى الله عليه وسلم- ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فإن أصر كفر؛ لأنه كذب الله ومن كذب الله كفر ، ومن قال: إن محمد -صلى الله عليه وسلم- لم يسر به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فقد كذب الله ومن كذب الله فقد كفر.
وأما المعراج فإنه جاء في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي في الصحاح وفي غيرها.
والإسراء والمعراج -كما ذكر المؤلف رحمه الله- في ليلة واحدة ، هذا هو الصواب ، أن الإسراء والمعراج كان في ليلة واحدة، أسري به أولا من مكة إلى بيت المقدس، وجمع له الأنبياء هناك، فصلى بهم إماما، قدَّمه جبرائيل، فظهر فضله -عليه الصلاة والسلام-، ثم عرج به إلى السماء، وقال بعض العلماء : إن الإسراء في ليلة، والمعراج في ليلة، وهذا قول ضعيف، والصواب أن الإسراء والمعراج في ليلة واحدة -كما قال المؤلف رحمه الله- أسري به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى - مسجد بيت المقدس -، ثم عرج به إلى السماء.
والصواب أن الإسراء والمعراج بجسده وروحه يقظة لا مناما مرة واحدة، هذا هو الصواب الذي تدل عليه النصوص، ومن الأدلة، من أقوى الأدلة قول الله -تعالى- : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا والعبد اسم لمجموع الروح والجسد.
وجه الدلالة أن العبد اسم لمجموع الجسد والروح، فالصواب أن الإسراء والمعراج في ليلة واحدة، وأنه أسري به -عليه الصلاة والسلام- بجسده وروحه مرة واحدة .
الإسراء والمعراج مرة واحدة ولم يتعدد، وقال بعض العلماء : إن الإسراء في ليلة والمعراج في ليلة، وقال آخرون من أهل العلم: إن الإسراء كان بروحه دون جسده ، وهذا مروي عن عائشة ومعاوية -رضي الله عنهم-، وقال آخرون من أهل العلم : إن الإسراء كان مناما، وقال آخرون من أهل العلم: إن الإسراء كان مرارا؛ مرة يقظة ومرة مناما، وقال آخرون: إن الإسراء مرارا؛ مرة قبل الوحي ومرة بعده، وهذه كلها أقوال ضعيفة، والصواب هو القول الأول أن الإسراء في ليلة، الإسراء والمعراج في ليلة واحدة، وأن الإسراء والمعراج كان بروحه وجسده -عليه الصلاة والسلام-، وأنه كان يقظة لا مناما، وأنه كان مرة واحدة لم يتعدد.
وهناك فرق بين من قال: إن الإسراء كان مناما، ومن قال: إن الإسراء كان بروحه ، فالقائل إن الإسراء كان بروحه قالوا : إن الروح هي التي عرج بها، وجسده باقٍ -عليه الصلاة والسلام-، ولكن عرج بروحه، وهذا الاستقلال للروح من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم- وإلا فإن غيره لا تنال روحه الاستقلالية، استقلت الروح وأسري بها وعرج بها.
وأما الذين قالوا: إن الإسراء كان مناما قالوا : إن الروح والجسد لم يعرج بهما، الروح والجسد باقيان في مكة، ولكن الملك ضرب له الأمثال، الملك ضرب له الأمثال، يضرب الأمثال للنبي -صلى الله عليه وسلم- فتكون الصورة تأخذ شكل الصورة المحسوسة.
فالقائل: إن الإسراء كان بروحه قوله يختلف عن قول الذين قالوا : إن الإسراء كان مناما ، الذين قالوا: إن الإسراء بروحه قالوا : إن الروح هي التي عرج بها عرج بها، وهذا استقل عن الجسد، وهذا من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-، والذين قالوا : إن الإسراء مناما، قالوا : إن الملك ضرب الأمثال للنبي -صلى الله عليه وسلم- في النوم، ورؤيا الأنبياء -منام الأنبياء وحي، كما قال الله -تعالى- عن نبيه إبراهيم أنه قال لابنه: يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ .
وأما الذين قالوا: إن الإسراء كان مناما استدلوا بالحديث شريك بن أبي نمر في الصحيحين وفي غيرهما، وفي بعض ألفاظه أنه قال لما ذكر قصة الإسراء قال: ثم استيقظت وأنا في المسجد الحرام استدلوا بهذه اللفظة: " ثم استيقظت"، قالوا : إن الإسراء كان مناما، ولكن شريك بن أبي نمر غلطه الحفاظ، في ألفاظه في حديث الإسراء؛ ولهذا لما روى الإمام مسلم -رحمه الله- حديث شريك قال بعده: "فزاد ونقص وقدم وأخر"، شريك بن أبي نمر حصل له أغلاط وأوهام، وإن كان الحديث في الصحيحين، ولكن حصل له أغلاط وأوهام في بعض الألفاظ، وإلا تكون ولو في الصحيحين يحصل بعض الأغلاط في بعض الألفاظ، هذه من أغلاط وأوهام شريك: ثم استيقظت هذه من أغلاطه، ومن بعضها وكان ذلك قبل الوحي وهذا من أغلاطه أيضا والصواب أنه بعد الوحي ، الإسراء والمعراج بعد الوحي وبعد النبوة في مكة قبل الهجرة بسنة أو بسنتين أو بثلاث على خلاف.
فهذه أقوال، قيل إن: الإسراء في ليلة المعراج في ليلتين، وقيل: إن الإسراء كان بروحه دون جسده، وقيل: إن الإسراء كان مناما، وقيل: إن الإسراء كان مرارا؛ مرة يقظة ومرة مناما، وهذا يفعله بعض ضعفاء الحديث، كلما اشتبه عليهم لفظ زادوا مرة ، قال بعضهم: مرتين، وبعضهم قال: ثلاث مرات كلما اشتبه عليهم في بعض ألفاظ الحديث زادوا مرة.
والصواب الذي عليه المحققون الذي تدل عليه النصوص أن الإسراء والمعراج مرة واحدة في ليلة واحدة يقظة لا مناما بروحه وجسده، لقول -سبحانه وتعالى- : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى والعبد اسم لمجموع الروح والجسد، وأنه عاد -عليه الصلاة والسلام- إلى مكة قبل الصبح وحدَّث الناس بذلك، وارتدَّ قوم ممن أسلم، وارتد قوم ممن أسلم؛ لأنه لم تتحمل عقولهم، وكذلك أيضا لما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كفار قريش استعظموا هذا الأمر وقالوا : يزعم محمد أنه ذهب إلى بيت المقدس في ليلة واحدة، ونحن نضرب السفر إليها مدة شهر كامل، حتى سألوه عن عير لهم في الطريق مرّ عليها في الطريق، وأخبرهم بذلك أخبرهم أنها ستصل ولما أخبر النبي بعض صناديد قريش قالوا: هل تقول هذا يا محمد -عند- إذا اجتمع الناس قال: نعم ، واستعظموا هذا يريدون تكذيبه.
ولما قالوا لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- جاءوا إليه وقالوا: إن صاحبك يزعم أنه كذا، وأنه ذهب إلى بيت المقدس، وذهب إلى السماوات، فقال أبو بكر -رضي الله عنه- : إن كان قال ذلك فقد صدق؛ ولذلك سمي الصديق.
فالمؤلف -رحمه الله- بين الصواب في هذه المسألة قال: وأجمع القائلون بالأخبار والمؤمنون بالآثار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسري به، ثم قال: ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى - مسجد بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماء بجسده وروحه جميعا، هذا هو الصواب الذي استدل عليه، ثم عاد من ليلته إلى مكة قبل الصبح، يقول المؤلف ومن قال : إن الإسراء في ليلة في ليلة والمعراج في ليلة فقد غلط، هذا صحيح، غلط بعض العلماء وقال: إن الإسراء في ليلة والمعراج في ليلة، والصواب أنه في ليلة واحدة، ومن قال: إنه منام وأنه لم يسر بجسده فقد كفر، هذا غريب من المؤلف -رحمه الله- تكفير من قال: إن الإسراء كان مناما، والصواب أنه لا يكفر؛ لأنه شبهة، وإن كان قوله ضعيفا، وهو قول ضعيف وإنه شبهة واستدلوا ببعض ألفاظ حديث شريك، وفيه أنه قال: ثم استيقظت فالقول في تكفير هذا ليس بالصواب، والصواب أنه لا يكفر، والتكفير ليس أمره بالهيِِّن، ولم أر أحدا من العلماء كفر من قال : إن الإسراء كان مناما، وإنما يقال هذا قول ضعيف قول ضعيف قول مرجوح خلاف الصواب، لكن اشتبه عليهم الأمر ، اشتبه عليهم بعض الألفاظ؛ لأنه شبهة، فكيف يكفر من له شبهة.
ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- الدليل فقال : قال الله -عز وجل- : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ هذا دليل على أن الإسراء والمعراج كان بروحه وجسده. وجه الدلالة قال: بِعَبْدِهِ والعبد اسم لمجموع الروح والجسد كما أن الإنسان اسم لمجموع الروح والجسد.
يقول المؤلف -رحمه الله-: وروى قصة الإسراء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبو ذر وأنس بن مالك ومالك بن صعصعة وجابر بن عبد الله وشداد بن أوس وغيرهم، يعني: أن حديث الإسراء جاء في أحاديث عدة، رواها عدد من الصحابة أبي ذر وأنس ومالك وجابر وشداد.
يقول المؤلف: كلها صحاح مقبولة مرضية عند أهل النقل مخرجة بالصحاح نعم هذا هو الإسراء ، متفق عليه رواه الشيخان ، رواه البخاري في صحيحه ورواه مسلم أيضا في صحيحه، ورواه ابن قدامة في تفصلة العلو، وقال ابن القيم -رحمه الله-: إن قصة الإسراء متواترة، إنها متواترة، بعض العلماء ألف أفرد الإسراء والمعراج بتأليف خاص كالسيوطي والحافظ ابن كثير -رحمه الله- جمع طرق هذا الحديث في تفسيره في سورة الإسراء وفيها الصحيح والضعيف والحسن.
والبراق الذي أسرى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- دابة، البراق دابة فوق الحمار ودون البغل ، سمي براق لبريقه ولمعانه، خطوه مد البصر، أن الخطوة التي يخطوها مد البصر يعني: الخطوة التي يخطوها مد البصر بنهاية بصره هذه الخطوة، يعني: أسرع من الطائرة، أسرع من الطائرة وصل هذه المسافة في وقت وجيز، ثم كذلك العروج والصعود إلى السماوات، بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام، وغلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام، والسماوات عليها حراس، يستفتح جبرائيل ومعه النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: من هذا فيقول: جبريل، فيقول: ومن معك ؟ فيقول: محمد، فيقولون: أو قد أرسل إليه ؟ يعني: بعث فيقول نعم، فيقولوا مرحبا به، ولنعم المجيء جاء، فيدخل في السماء الأولى فوجد فيها آدم أبو البشر فسلم عليه على النبي ورحب به وقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح.
ثم عرج به إلى السماء الثانية، فاستفتح جبرائيل كل مرة يقولون: من هذا فيقول جبريل، فيقولوا ومن معك ؟ فيقول محمد، فيقول أو قد أرسل إليه؟ فيقول نعم فيقولون نعم المجيء جاء فوجد في السماء الثانية ابني الخالة: عيسى ويحيى، فرحبا به وأقرا بنبوته وقال كل منهما: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح؛ لأنه أخ، أما آدم فقال: والابن الصالح، ثم عرج به إلى السماء الثالثة فوجد فيها إدريس فرحب به وقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح وهذا دليل على أن إدريس قال والأخ الصالح ولم يقل: والابن الصالح في السلالة الأخوية ولم يكن في السلالة الأبوية، وبعض العلماء يقول: إن إدريس هو جد نوح فيكون أبا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، والقول الثاني أنه أخ وهذا هو الصواب، ومن الأدلة حديث المعراج أنه ما قال الابن الصالح، قال الأخ الصالح دل على أنه ليس في السلالة الأبوية.
ثم عرج به إلى السماء الرابعة فوجد فيها يوسف فرحب به وأقر بنبوته وقال مرحبا: بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء الخامسة فوجد فيها هارون فرحب به وأقر بنبوته وقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء السادسة فوجد فيها موسى فقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، فلما جاوزه بكى، فقيل له ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ما يدخلها من أمتي، وإنما بكى -عليه الصلاة والسلام- لم يبك حسدا، وإنما يبكي تألما على بني إسرائيل حيث تخلفوا مع أن أتباعه كثيرون عليه الصلاة والسلام.
ثم عرج به إلى السماء السابعة فوجد فيها إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- فرحب به وأقر بنبوته وقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح؛ لأنه أبوه، ووجد إبراهيم قد أسند ظهره إلى البيت المعمور، والبيت المعمور كعبة سماوية تحاذي الكعبة الأرضية لو سقط لسقط عليها، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك للصلاة والطواف ثم لا يعودون إليه آخر الدهر؛ لكثرة الملائكة ما يصلهم الدور، ثم جاوز حتى وصل إلى سدرة المنتهى، ثم جاوز إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام، لم يصل إليه جبرائيل ولا غيره، ثم كلمه الله من وراء الحجاب فوق سبع سماوات على الصحيح، وسيذكر المؤلف -رحمه الله- في هذا في بحث عن الرؤيا، ففرض الله عليه في اليوم والليلة خمسين صلاة، ثم لما مر على موسى في السماء السادسة سأله أن يسأل ربه التخفيف وقال: إن أمتك ضعيفة، لا تطيق خمسين صلاة في اليوم والليلة، وإن عالجت بني إسرائيل أكثر من ذلك، فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره به فأشار عليه أي نعم فعلا به إلى الجبار -جل جلاله- وسأل ربه التخفيف فوضع عنه عشرا أو خمسا في بعض الأحاديث، وما زال يتردد بين ربه وبين موسى حتى صارت خمس صلوات، فأمره موسى في المرة الأخيرة أن يسأل ربه التخفيف وقال له: إن أمتك ضعيفة؛ لا تطيق خمس صلوات، اسأل ربك التخفيف، إني عالجت بني إسرائيل أكثر من ذلك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "إني سألت ربي حتى استحييت، ولكن أرضى وأسلم، فنادى منادٍ من السماء: إني أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، هي خمس في العدد، وهي خمسون في الأجر، ما يبدل القول لدي، خمس صلوات بخمسين في الأجر الحسنة بعشر أمثالها.
سراء بالجسد والروح يقظة لا مناما مرة واحدة